نُحْيِـــــــي، اليوم 8 ماي 2020، اليوم الوطني لمناهضة التعذيب، والذكرى 33 لاستشهاد مناضل الحريّة نبيل البركاتي تحت التعذيب بمركز شرطة قعفـور .

نحيي اليوم الوطني لمناهضة التعذيب وآفة التعذيب لا تزال متفشيّة وظاهرة الإفلات من العقاب مستفحلة.

ويتميّز الظرف بتعثّر وتباطئ مسار العدالة الانتقالية وتعرّضه لسلسلة من المؤامرات.

لقد مرّت اليوم سنتان على انطلاق أشغال الدوائر المختصّة في العدالة الانتقالية بعد انعقاد الجلسة الأولى، بقابس، في 23 ماي 2018، في قضية كمال المطماطي وتلتها مباشرة فتح قضية فيصل بركات بنابل ونبيل البركاتي بالكاف.

وتنظر الدّوائر الــ13 الموزعة على مختلف جهات البلاد، في آلاف القضايا بأنواعها المختلفة من جرائم أو ما يسمى بالانتهاكات الجسيمة (مقترفة من 1955 إلى 2013) على غرار التعذيب، انتهاك حقّ الحياة والحرمة… وأحداث الخبز بالإضافة إلى قضايا فساد مالي وإداري وكذلك عقاري.

شهدت عديد الهنات، هنا وهناك، نسجّل منها خاصة:

  • غيابات في صفوف المنسوب إليهم الاتهام، وغالبا ما يكون ذلك بتحريض من جهات مشبوهة 
  • امتناع أغلب من حضر منهم عن الانخراط الفعلي والجدّي في روح ومنظومة العدالة الانتقالية
  • عدم توفر دليل الإجراءات لدى الدّوائر المختصّة
  • وفي ديسمبر 2017، كانت هيئة الحقيقة والكرامة قد توصّلت إلى وضع تقريرها الختامي رغم العراقيل وحملات التشويش على أعمالها وتشويه المسؤولين عليها والضحايا الذين لجؤوا لها.

لكنّ رئيس الحكومة المدعو قانونيا لـ:

  • نشر التقرير بالرائد الرسمي،

  • تنفيذ التوصيات الواردة به،

أعلَـن، وقتَــها عن:

  • فشل هيئة الحقيقة والكرامة » (هكذا!)

  • رفضه تسلّمَ التقرير من الهيئة كما تنصّ على ذلك القوانين الدّستورية ذات الصّلة (هكذا!.)

  • تكليفه لوزير حقوق الإنسان لديه بالسّعي لسنّ قانون لما أسماه « مصالحة وطنيّة شاملة »!

وهو مشروع قانون يهدف إلى ضرب مسار العدالة الانتقالية وخاصّة لإيقاف عمل الدّوائر القضائية المختصّة والتخلّص من توصيات التقرير الختامي.

ولقد وقع إفشال هذه المؤامرة بفضل وقفة ائتلاف المنظمات المدافعة عن العدالة الانتقالية بصفة خاصة.

ونحن، في منظمتنا، إذْ نعتبر استكمالَ مسار العدالة الانتقالية كشرط لتحقيق الانتقال الديمقراطي نقدّر أنّه أيضًا شرط لا محيد عنه لتحقيق غايتنا في مناهضة التعذيب وذلك خاصةً عبر:

  • الحدّ من ظاهرة الإفلات من العقاب،

  • إرجاع كرامة الضحايا،

  • ضمانات عدم العود لأساليب ووسائل الاستبداد،

  • حفظ الذّاكرة للأجيال القادمة.

لذلك يهمّنا بهذه المناسبة وفي هذا الظرف الحرج أنْ:

  • نسجّــــل مجدّدا استياءنا الشديد، لِتعرّض مسار العدالة الانتقالية لعديد المؤامرات المحاكة من قبل جيوب الثّورة المضادة التي ما فتئت تعمل، على كلّ الأصعدة، بدءًا بهرم السّلطة وفي قصورها الثلاثة، على تعطيل المسار وتخريبه مدعومة بعدد هائل من أبواق الدعاية المأجورة في مُخْتلَفِ وسائل الإعلام في محاولة للتشويش على الرأي العام خدمة للجلادين والمجرمين والمافيات وبارونات الفساد.
  • نؤكّـــد تمسّكنا بمسار العدالة الانتقالية ولا نقبل بغيره بديلا.
  • نطالب بضرورة استكمال كافة مراحل المسار بكلّ شفافية وبتشريك المجتمع المدني ممثلا في ائتلاف المنظمات الداعمة لمسار العدالة الانتقالية، دون غيره، وهو الهيكل الجامع الذي واكب ووقف مساندا ومدافعا منذ البداية.
  • نُطــــالبَ بحماية السيّدات والسّادة قضاة الدّوائر المختصّة في العدالة الانتقالية من كلّ أشكال التدخل والضغوطات والتهديدات.
  • نُطْــــلُـبَ بكلّ تأكيد من المجلس الأعلى للقضاء وضع دليل الإجراءات حتّى يتسنّى للدّوائر المختصّة اتخاذ ما تراه من الاجراءات لكشف الحقيقة كاملة جليّة. ودون توفير ذلك:
  • تبقى الدوائر المختصّة في العدالة الانتقالية مغلولة الأيدي عاجزة عن كشف الحقيقة (الغاية الأولى في عملها) لعدم قدرتها على التحرّك في غياب دليل الإجراءات.
  • تُصبحُ عدالةُ الدّوائر المختصّة في العدالة الانتقالية عـدالـــةً صوريّـــة.
  • تُحَيِّي منظمتُنا، ذكرى ووفاء، ائتلافَ المنظمات المدافعة عن مسار العدالة الانتقالية.
  • ندعـُــــوَ كافة القوى الحيّة في البلاد إلى أنْ تَعِيَ ضرورةَ مواصلةِ الوقوف بيقظة وحزم دفاعا عن مسار العدالة الانتقالية حتّى استكمال كافة مراحلها وإحباط كلّ المؤامرات التي تحاك ضدّها للحيلولة دون تحقيق الأهداف المرسومة لها قانونيا ودستوريا والمعلنة بأنّات الضحايا ودماء الشّهداء وإرادة شعبنا.
  •  نحمّــــلَ كلّ من يَعْمَدُ لتعطيل مسار العدالة أو الحيْدِ بها عن مجراها مسؤوليته كاملة أمام القانون والشعب والوطن والتاريخ.

تونس في 8 مـــاي 2020،

عن الهيئة، الرئيـــس: رضــا البركـــاتي